واشنطن :
لبنان «منطقة اشتعال» في النزاع العربي الاسرائيلي وسيناريو المواجهة الاكثر ترجيحا هو هجوم اسرائيلي على «حزب الله» لحرمان طهران من قدرة الرد على ضرب منشآتها النووية بالتزامن مع اقتراح مزدوج بالضغط على سوريا والتفاوض مع «حزب الله»، هذه توصيات تقرير اميركي صدر، أمس، في العاصمة الأميركية.
يعتبر هذا التقرير ان «ترسانة «حزب الله» اكثر قوة في النوعية والكمية اليوم مما كانت عليه عام 2006. ورغم ان منطقة الحدود بين اسرائيل ولبنان هادئة اكثر من اي وقت مضى في العقد الماضي، فالتكهنات بأن حرب لبنان ثالثة ستحصل في فترة الاثني عشر الى ثمانية عشر شهرا المقبلة تتزايد بشكل مستمر. يمكن لاسرائيل ان تقرر ان التهديد الامني الذي يطرحه «حزب الله» وصل الى مستويات لا تُحتمل وتتخذ عملا عسكريا استباقيا. في حين أن «حزب الله» لا يظهر خارجيا اي اهتمام بمواجهة اسرائيل، قد يختار لعدة اسباب او يُمارس الضغط عليه من ايران لاستعراض قدراته العسكرية الجديدة... بغض النظر عن الاسباب العاجلة نزاع جديد حول لبنان قد يكون لديه تداعيات هامة على سياسة الولايات المتحدة ومصالحها في المنطقة».
تحت عنوان «مذكرة خطة طوارئ: حرب لبنان ثالثة»، يكتب دانيال كيرتزر في تقرير صادر عن»مركز الاجراءات الوقائية» بالتعاون مع «مجلس العلاقات الخارجية» عن السيناريو الاول لهذه الحرب حيث يأخذ «حزب الله» المبادرة، مشيرا الى ان وفاة المرجع الشيعي السيد محمد حسين فضل الله «يمكن ان تشعل صراعا داخل لبنان حيث يقرر «حزب الله» الهجوم على اسرائيل كوسيلة لتوحيد مناصريه» او ان «تدفع ايران «حزب الله» الى الهجوم على اسرائيل كوسيلة لصرف انتباه الضغط الدولي على ايران حول برنامجها النووي».
وينتقل كيرتزر الى السيناريو الثاني وهو «يمكن لاسرائيل الاعتداء على «حزب الله» او خداعه الى حرب تدمر القدرات التي تهدد امن اسرائيل. يمكن لاسرائيل ان تقرر ايضا تقليص قدرات «حزب الله» من اجل حرمان ايران من قدرة ضربة ثانية اذا ما قررت اسرائيل الهجوم على منشآت ايران النووية».
ويعتقد كيرتزر ان السيناريو الثاني هو الاكثر ترجيحا لأن «حزب الله» سبق له ان كسر حدود ما تعتبره اسرائيل سلوكا مقبولا». ويذكر في هذا السياق حصول «حزب الله» على صواريخ «سكود» وصواريخ «ام 600» السورية وصواريخ ارض - جو «اس 300»، معتبرا ان اسرائيل «تنظر الى مهماتها الاستطلاعية فوق لبنان كنقطة حاسمة في ضوء فشل المجتمع الدولي وقوات اليونيفيل في لبنان من تنفيذ قرار مجلس الامن الدولي الرقم 1701. كما تنظر اليها ايضا على انها حاسمة لقدرتها على اقامة هيمنتها الجوية في حال حدوث حرب أخرى». ويقول في هذا السياق ان سيناريو حصول الضربة الاسرائيلية قد يكون في «استغلال ما يدعوه المخططون العسكريون بالفرصة العملياتية اي اعتداء ضد قافلة تحمل اسلحة ذات مدى طويل او ضد مرفق تخزين اسلحة في لبنان» او مخزن اسلحة في سوريا «تدعي اسرائيل ان «حزب الله» يستخدمه». ويرى كيرتزر ان اسرائيل لن توجه على الارجح ضربة الى ايران خلال مواجهتها مع «حزب الله» لانها «لا تريد الانخراط على الارض في لبنان فيما تجري مهمة خطرة ومعقدة ضد ايران». كيرتزر كان سفيرا اميركيا لدى اسرائيل بين عامي 2001 و2005، وسفيرا لدى القاهرة في عهد الرئيس الاسبق بيل كلينتون، وذكرت صحيفة «وال ستريت» قبل عامين انه شارك في كتابة خطاب الرئيس الأميركي باراك اوباما امام «ايباك» في حزيران عام 2008، كما تردد اسمه في فترة ما على انه قد يكون السفير الاميركي المحتمل في دمشق قبل تعيين روبرت فورد رسميا في العاصمة السورية.
وذكر كيرتزر ان «مؤشرات وعلامات التحذير من حرب وشيكة» هي الارتفاع في حدة خطابات «حزب الله» تجاه اسرائيل والزيادة في تصريحات المسؤولين الاسرائيليين العلنية حول ايران و«حزب الله» ومستويات استعداد اسرائيل العسكرية والمدنية. ويرى انه «اذا المواجهة الاسرائيلية المقبلة مع «حزب الله» أدت الى انخفاض حاد في قدرات «حزب الله» العسكرية ولم تترافق مع خسائر مدنية كبيرة او تدمير للبنى التحتية في لبنان، النتيجة ستكون مفيدة لمصالح الولايات المتحدة». ويتابع كيرتزر قائلا «فيما سوريا لن ترد عسكريا على الارجح على هجوم اسرائيلي ضد «حزب الله»، يمكنها ان تستأنف دعم المتمردين العراقيين للهجوم على القوات الاميركية في العراق»، مشيرا الى ان هذه المواجهة في لبنان ستنهي ايضا على الارجح المفاوضات الفلسطينية ـ الاسرائيلية.
ويقترح كيرتزر هنا توصيات على الادارة الاميركية في حال تجدد المواجهة في جنوب لبنان وهي «ردع - تطمين اسرائيل» بحيث تبلغها واشنطن بشكل سري انها لن تدعم اي حرب اسرائيلية على لبنان وتهددها بدعم اصدار قرار في مجلس الامن الدولي في حال اتخذت هذه الخطوة. كما يوصي بتبني «اجراءات دبلوماسية استباقية» مثل تشكيل «مجموعة مراقبة اسرائيلية - لبنانية» التي عُمل بها أواخر التسعينيات على مدى ثلاث سنوات. ويدعو ايضا الى الضغط على سوريا دوليا لوقف نقل الاسلحة الى «حزب الله» ويحث في الوقت نفسه الادارة الاميركية على التفاوض مع «حزب الله» والسلطات اللبنانية، ويقترح هنا حوارا مباشرا او عبر طرف ثالث «لمحاولة اضفاء الاعتدال على سلوك «حزب الله». والتوصية الاخيرة في هذا السياق هي «تشجيع ضربة عسكرية اسرائيلية محدودة كوسيلة لاحباط عملية عسكرية رئيسية من قبل اسرائيل».
وفي حال وقوع هذه الحرب، يقترح كيرتزر ان تقوم الادارة الاميركية «بالسعي الى وقف العمل الاسرائيلي» من خلال قرار فوري في مجلس الامن الدولي او «دعم لكن السعي لتقييد الاعمال الاسرائيلية» او «دعم غير مشروط لاسرائيل وإدانة «حزب الله» وسوريا وايران» او «تغليف الازمة ضمن مبادرة دبلوماسية اوسع» اي محاولة لاستئناف المفاوضات السورية الاسرائيلية. ويؤكد في هذا السياق ان «التوقيت الامثل» بالنسبة الى واشنطن لوضع حدود على فترة ونطاق هذه الحرب هو التدخل في الساعات والايام الاولى من هذا النزاع.
كما يقترح كيرتزر خطوات لتفادي هذه الحرب الثالثة وهي «تحديث جمع الاستخبارات الاميركية وتبادل الاستخبارات بين الولايات المتحدة واسرائيل ليكون لدى صناع السياسة في الولايات المتحدة المعلومات الافضل في وقت الازمة» كما دعا الى «التصريح علنا عن دعم الولايات المتحدة لحق اسرائيل بالدفاع عن نفسها وهواجس الولايات المتحدة من اعادة تسليح «حزب الله» و«احياء جهد دولي للمراقبة وتنشيط الرد الدبلوماسي الاميركي وزيادة الضغط الدبلوماسي على سوريا والاستعداد لمبادرات دبلوماسية محتملة بعد الحرب» والتوصل عند اندلاع النزاع الى مرحلة «تفتح الباب امام عمل دولي يفرض قرار مجلس الامن الدولي 1701»