الموضوع : رسالة ـ إلى النواب اللبنانيين: وضع منطقة الجنوب وحاجاتها
المكـان : بيروت ـ 3/12/1969
المناسبـة : تكاثر الاعتداءات الإسرائيلية على الجنوب ومناقشة الموازنة في مجلس النواب
ـ الــنـــص ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
حضرة النائب الكريم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
يسرني أن أبلغكم مع التحيات الأخوية الصادقة هذا النداء الحار المقترن بالأمل والثقة في أحرج ساعات الوطن المصيرية، وهو صدى لصوت ضميركم، وتعبير عن الأحساس بالمسؤولية التاريخية الجسيمة التي وضعت على عاتقكم، سائلاً المولى جلّ وعلا تأييدكم وتسديد خطواتكم.
لقد كلفني المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى أن أوجه إليكم صورة مختصرة عن وضع منطقة الجنوب ولبقائها ومطالبهم، وهي مطالب كل لبناني واع وكل عربي مخلص، إنها مطلب حق.
لقد كان الجنوب منذ تأسيس معسكر العدو بشكل دولة إسرائيل، منطقة القلق، وذلك لوجود الأطماع التاريخية والعسكرية والاقتصادية التي ظهرت للجميع، وهذا القلق كان ولا يزال يؤثر في وضع الجنوب النفسي والاقتصادي والاجتماعي مما يجعل ابناءه لا يتمكنون من تحمل الأعباء وحدهم دون مشاركة مواطنيهم في مختلف المناطق اللبنانية ودون رعاية رسمية خاصة.
ومن الطبيعي أن الوضع الجديد هذا يضاعف المسؤوليات لأبناء الجنوب ويطالبهم بالمزيد من التضحيات، حيث يزيد في تهديدات العدو وتصرفاته الانتقامية العصبية. ولا أتصور أن ترك الجنوبيين وحدهم في الميدان في مختلف الأوضاع الدفاعية والاجتماعية والاقتصادية والنفسية، يخدم سوى مصلحة العدو.
ولا يمكن أن يحل المشكلة مواساة الجنوب بالعواطف وبعض لمساعدات الجزئية، بينما أبناء الجنوب يقفون على خطوط النار ويشعرون أن أرواحهم وحياتهم وكرامتهم ومستقبل أبنائهم معرضة للاعتداء وللتجاوز في كل آن. إن هذا ظلم فاضح، وتبعيض خطير، انه الاستسلام للقضاء بصورة تدريجية، والموت بالأقساط.
لذلك فأنني أطالبكم مطالبة أخ مخلص لأخيه في ساعة المحنة، مشاركة أبناء الجنوب بكل ما للكلمة من معنى، في مختلف المجالات وبكل الطاقات، وتحديد المواقف على أساسها في وقت الاستشارات الوزارية حينما تدعون للمشاركة في الحكومة، في تحضير البيان الوزاري، في وقت طرح الثقة، في دراسة الموازنة والمصادقة عليها، وفي تحضير المشاريع والوسائل المتنوعة الكفيلة لجعل الجنوب سداً منيعاً أمام أطماع العدو وتعدياته.
أيها الأخ العزيز، إن لبنان دون منطقة الجنوب أسطورة، وان لبنان مع جنوب ضعيف جسم مشلول، وان لبنان دون قوة الجنوب مغامرة تاريخية. إن الجنوب القوي سياج لبنان واللبنانيين، وسلاح العرب والحق ومصلحة عاجلة وعميقة لكل إنسان في الشرق وفي كل مكان.
بانتظار موقفكم ورأيكم أتمنى لكم التوفيق والنجاح في أداء الأمانة والسلام.