يشكل الشيعة عشرون بالمائة من مجموع سكان المملكة السعودية التي يغلب عليها الإسلام السني تحت عباءة مذهب الشيخ محمد عبد الوهاب الذي رافق تأسيس الدول السعودية الثلاث، ويتواجد الشيعة في ناحيتي القطيف والاحساء شرق الرياض العاصمة، وتعتبر المحافظتان وفقا للتعريف الحكومي للمناطق السعودية شريان النفط والثروة للعائلة المالكة والدولة السعودية الحديثة، ويتواجد الشيعة أيضا في المدينة المنورة وجده ومكة وحائل وإقليم نجران، ويعتنق سكان الأخير المذهب الشيعي الاسماعيلي الذي استثني من إعلان مكة الأخير القاضي بإسلام المذاهب السنية الأربعة والمذاهب الجعفري والزيدي والاباضي.
ظل مؤشر التقدم في حقوق الطائفة الشيعية في المملكة موضع شك دائم من قبل المنظمات الحقوقية العالمية ولم يتحقق سوى تقدم طفيف في هذا المجال خاصة وان تأطير الحقوق والواجبات مرتبط بإصلاح عميق في أجهزة الدولة التشريعية والتنفيذية والقضائية وهذا ما لم يتم حتى الآن رغم الضغوط الدولية المتصاعدة ضد حكومة الرياض والتي تطالبها بالعمل السريع لتحديث الدولة والمجتمع ومواجهة الظواهر الإرهابية المسلحة في البلاد منذ أكثر من ثلاثة أعوام عبر القيام بخطوات إصلاحية واسعة.
يعاني الشيعة من تمييز طائفي يشمل كافة مناحي الحياة في المملكة، وذلك منذ تأسيسها في أوائل القرن العشرين وقد سبق أن كانت المناطق الشيعية في شرق الجزيرة العربية جزء من الدولتين السعوديتين الأولى والثانية عانى في عهدهما السكان المحليين من التمييز والاضطهاد، في أواخر القرن التاسع عشر وأثناء ما كانت الواحتين تحت الحكم العثماني الضعيف عرضت أجهزة المخابرات البريطانية على السكان أن يخضعوا البلاد للانتداب البريطاني على غرار الإمارات المجاورة على أن تتحول القطيف والاحساء فيما بعد إلى دولة مستقلة إلا أن السكان بقيادة علماء الدين رفضوا العرض البريطاني وبقيت الواحتين تحت السيادة العثمانية إلى أن استطاع الملك السعودي عبد العزيز آل سعود عام1913م الاستيلاء على المنطقة الشرقية دون وقوع خسائر تذكر في صفوف قواته، وهكذا امتلكت الدولة السعودية الوليدة شريان حيوي مطل على الخليج ولم يكن بحسبانها انه يحتوي على اكبر مخزون نفطي في العالم.
ومنذ دخول الواحتين وبقية المناطق الشيعة في الجزيرة العربية تحت حكم عائلة آل سعود والشيعة يعانون من تهميش واضطهاد وتمييز منقطع النظير تغذيه العصبية الدينية المستشرية في النظام الديني الرسمي والذهنية الاجتماعية العامة، ورغم الانفتاح الواسع على العالم بحكم التطور الهائل في نظم الاتصالات والبث التلفزيوني والإذاعي الفضائي علاوة على انتشار قيم المواطنة وحقوق الإنسان ودولة المؤسسات والانفتاح من خلال الاتصال الواسع النطاق بالعالم الخارجي إلا أن ذلك لم يدفع حكومة المملكة لإعادة النظر في سياستها الداخلية والتفكير بجدية في إعادة بلورة الواقع الديني والاجتماعي والثقافي السعودي بل سارعت أجهزة الرقابة إلى تقييد نشاط المواطنين بشكل عام ومحاربة دعوات الانفتاح والحوار والنقد البناء عبر الحجب والتهديد بالاعتقال لكل شخص ينتقد سياسة المملكة علانية سواء عبر القنوات الفضائية أو مواقع الانترنت أو بالاتصال المباشر بمحيطه الاجتماعي أو المهني، وبذلك ظل الشيعة السعوديين رغم التقدم السياسي في العراق والإصلاحات السياسية في البلدان المجاورة عرضة لنظام تفضيل مذهبي وقبلي منظم، ومن خلال النقاط التالية نرصد معاناة الأقلية الشيعية ومستوى تقدمها في نيل حقوقها المشروعة وفقا لمقررات وقواعد النظام الحقوقي العالمي وذلك كالتالي:
الحقوق الدينية:
رصد خلال هذا العام تقدم ايجابي تمثل في السماح المتثاقل للمواطنين الشيعة في القطيف والاحساء ببناء مراكزهم الدينية وممارسة شعائرهم التقليدية، في العهود السابقة درجت الحكومة السعودية بين فترة وأخرى بفتح المجال لمواطنيها الشيعة لبناء المساجد والحسينيات، يتحدث الأهالي هنا عن عشرات المساجد التي بنيت في عهد الملك خالد قبل أن يتم تقييد البناء في القطيف والاحساء مجددا، ونظرا لافتقاد البلاد لدستور واضح المعالم وحكمهما من خلال أكثر من تيار في العائلة المالكة فان العديد من المواطنين يشككون في جدية الحكومة في سن نظام دائم يسمح من خلاله للمواطنين الشيعة بتشييد مراكزهم العبادية والاجتماعية بحرية.
كما وما تزال الحكومة السعودية تفرض شبه حضر على بناء صالات الأفراح في المناطق الشيعية خوفا من استثمارها في أنشطة معارضة للحكومة، وقد تسبب هذا الحظر في عام 1996م في نشوء حريق في بلدة القديح بالقطيف مما تسبب في مقتل عشرات النساء والأطفال، عقب الحادثة سمحت الحكومة ببناء بعض صالات الأفراح وأمر ولي العهد آنذاك الأمير عبد الله ببناء صالة أفراح على نفقته الخاصة وتقديمها هدية لأهالي القديح، أما النشاط الديني غير التقليدي والذي يأخذ طابع العصرنة فما زالت الحكومة السعودية تمنعه بشكل دائم، في شهر محرم لعام 1426هـ/ فبراير 2005م حظرت السلطات إقامة عمل مسرحي ديني خاص بموسم عاشوراء، وفي شهر صفر «مارس» من نفس العام منعت السلطات مهرجان ديني بمناسبة ذكرى أربعينية الإمام الحسين - الإمام الثالث لدى الشيعة- كما منعت معرضا تشكيليا لنفس المناسبة في الاحساء، كما حظرت السلطات الأمنية أقامت مهرجان ديني يدعو إلى تشييد قبور أئمة أهل البيت في مقبرة البقيع بالمدينة المنورة، وهي قبور ترجع إلى ثلاثة من أئمة الشيعة أقدمت على تهديمها قوات الملك عبد العزيز عند استيلائه على المدينة المنورة ابان تأسيس الدولة السعودية الحالية.
وفي أكتوبر الماضي أبلغت السلطات مجموعة دينية شيعية في جزيرة تاروت – إحدى نواحي القطيف- بقرار منع السلطات مهرجان أنوار العروج – بمناسبة ذكرى رحيل الإمام الخميني، احد مراجع الشيعة وصاحب نظرية ولاية الفقيه ومؤسس الجمهورية الإسلامية في إيران بدون توضيح الأسباب، كما تم إغلاق مركز ديني اجتماعي في المدينة المنورة دون أسباب مقنعة.
علاوة على ذلك يفرض تقييد وحظر تام لأي نشاطات عبادية لشيعتي المدينة المنورة وحائل، إذ ما يزال شيعة حائل يقيمون عباداتهم الدينية التقليدية كالصلاة في سراديب تحت الأرض! كما ويحظر على شيعة المدينة بناء المساجد والحسينيات في مناطقهم، أما شيعة نجران فيعانون من تقيد شديد مماثل، كما وتفرض السلطات حظرا تاما على المواطنين الشيعة في ممارسة أية أنشطة عبادية علنية أو سرية في غير مناطقهم المعروفة خاصة في مدن البلاد الرئيسية كالرياض وجده، وما تزال حكومة الرياض تفرض حظرا على المواطنين الشيعة في الدمام والخبر في بناء المساجد والحسينيات واغلب مراكز التجمع العبادية عبارة عن بيوت عادية، وتتغاضى السلطات عن النشاط الديني فيها ما دامت غير بارزة.
وحتى لحظة كتابة هذا التقرير ما تزال حكومة المملكة تمنع المواطنين الشيعة في الدمام من تشييد مقبرة خاصة بهم لأسباب طائفية!.
للشيعة مسجدا واحدا في مدينة الدمام عاصمة المنطقة الشرقية حصل عليه الأهالي بعد معاناة طويلة إلا أن السلطات اشترطت تخليهم عن الصلاة على «التربة» التي يصنعها الشيعة محليا ويستوردوها من البلدان المجاورة لا سيما العراق للسجود عليها، كما اشترطت أن يكون القائم على المسجد من موظفي الحكومة.
وبينما يحظر على المواطنين الشيعة في الاحساء والدمام والخبر وعموم المملكة الجهر عبر مكبرات الصوت بالآذان على الطريقة الشيعية تعج المناطق الشيعية خاصة محافظة القطيف بالمساجد التي شيدتها الحكومة للأقلية السنية التي يغلب عليها العنصر الأجنبي.
وقد دأبت أجهزة الأمن السعودية خلال السنوات العشر الماضية على معاقبة الموطنين الشيعة خاصة في القطيف والاحساء بالسجن لفترات تمتد من أسبوع إلى شهرين بأمر من أمير المنطقة الشرقية محمد بن فهد بتهمة إقامتهم شعائر مقتل الإمام الحسين وأئمة أهل البيت الآخرين والقيام بالأنشطة المتعلقة بموسم عاشوراء الذي يبدأ من مطلع السنة الهجرية القمرية ويمتد لغاية شهرين تقريبا، حيث يتم استدعاء المواطن المحكوم عليه بالسجن وإحاطته بأمر إمارة المنطقة الشرقية ومن ثم إرساله إلى السجن العام لقضاء العقوبة المستحقة دون أية إجراءات قانونية على الإطلاق، إلا انه في السنوات الثلاث الأخيرة لم تسجل أية ملاحقات من هذا النوع وأصبحت مسألة إقامة الشعائر الحسينية وبقية الأنشطة الدينية التقليدية أمرا مألوفا.
الحقوق الثقافية:
ما تزال الحكومة السعودية عبر وزارة الإعلام وأجهزة الأمن التابعة لوزارة الداخلية تفرض حضرا كليا على النشاط الثقافي للمواطنين الشيعة، حيث تمنع وزارة الإعلام الكتب الشيعية بمختلف أنواعها وتصانيفها كما وتفرض حظرا على عدد من دور النشر التي تطبع الكتب الدينية الشيعية لأنها تنشر كذلك مطبوعات تندد بالمذهب السلفي وسياسات الحكومة السعودية، كما ويشمل الحظر المواد السمعية والالكترونية، وتمارس مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية دورا رقابيا بارزا على مواقع الانترنت ذات التوجهات الشيعية سواء تلك التي تبث من داخل المملكة أو خارجها، وقد تعرض للحجب مئات المواقع الشيعية، من ضمن المواقع المحجوبة التي تعمل من داخل المملكة ما يلي:
• شبكة راصد الإخبارية.
• شبكة الجارودية الثقافية.
• ملتقى القطيف الثقافي.
• أنصار المنسيين.
ومن الخارج:
• شبكة الحرمين.
• منتدى منابر الجزيرة العربية.
• شبكة الشاعر.
• شبكة الأبحاث العقائدية.
وغيرها الكثير مما لا يمكن إحصائه في هذا التقرير.
كما وتفرض الحكومة السعودية حضرا على النشاط الثقافي الجماهيري للمواطنين الشيعة، إذ منعت السلطات لقاء جماهيريا بين مثقفين من السنة والشيعة في إحدى الحسينيات لأسباب مجهولة وذلك في منتصف عام 2005، كما وتخضع معارض الكتاب إلى شروط حكومية معقدة مما جعل آخر معرض كتاب في المنطقة يرجع إلى منتصف تسعينيات القرن المنصرم، إلا أن الإجراءات الحكومية تشمل كافة أنحاء المملكة بشكل عام ولا تختص بالمواطنين الشيعة وحدهم.
وبطبيعة الحال تمنع الأنظمة إصدار الكتب والصحف والدوريات الأسبوعية والشهرية ونصف السنوية ذات الطابع الشيعي من داخل البلاد حتى وان كانت لا تحمل هوية مذهبية واضحة إذ لم يسبق أن افتتحت صحيفة سعودية في المناطق الشيعية رغم تمتعها بكفاءات صحفية وأدبية عالية المستوى وقد تقدم بالفعل عدد من المثقفين والكتاب في العهود السابقة بطلبات من هذا القبيل إلا إنها رفضت دون تقديم مبررات، ولم تسجل خلال العام المنصرم أية مؤشرات تقدم في هذا المضمار الحيوي سوى سماح غير مسبوق من قبل نقاط التفتيش في المنافذ البرية والجوية في إدخال المطبوعات الورقية والالكترونية الشيعية وعدم مصادرتها في أكثر من 90% من الحالات المرصودة، إلا إنها في نهاية الأمر كميات غير تجارية لا يمكن اعتبارها تجميدا للحظر على الثقافة الدينية للمواطنين الشيعة في المملكة، كما سمحت الحكومة السعودية على مضض ووسط مراقبة أمنية مستمرة وشاملة لعدد من المواطنين الشيعة على غرار مواطنيهم السنة بافتتاح وإقامة برامج ثقافية وحوارية داخل منازلهم دون ادني اعتراف رسمي بها، وتعرف في الأوساط الشعبية بالديوانيات وتشمل أنشطتها حوارات وندوات ولقاءات ثقافية واجتماعية بعيدا بطبيعة الحال عن مناقشة القضايا التي تمس الحكومة السعودية بشكل مباشر، وليس لهذه الديوانيات أية مسميات معترف بها من قبل الحكومة بل وتفرض السلطات حظرا على أي اتجاه في هذا المضمار خوفا من نشوء تنظيمات وتشكيلات سياسية مناهضة للنظام السعودي، وبالتالي يكون العام 2005 امتدادا لأكثر من 93 عاما من الحضر الحكومي الرسمي على المطبوعات الشيعية لأسباب طائفية ويحرم بذلك أكثر من 2 مليون مواطن من حقوقهم الثقافية في القراءة والاطلاع والاقتناء والبحث الحر.
الشيعة وسياسة التمييز والتهميش الحكومية:
ما يزال المواطنون الشيعة عرضة للتهميش والتمييز في الدوائر الحكومية، ما تزال شركة ارامكو النفطية التي تعتبر عماد الاقتصاد السعودي ترفض توظيف الموطنين الشيعة بشكل عام رغم رصد بعض التراجع الايجابي في هذا المضمار، حيث أقدمت الشركة على توظيف القليل من المواطنين الشيعة إلى جانب الأغلبية الساحقة من المواطنين السنة، كما ويعاني الشيعة من استبعاد شبه تام في الوظائف الأمنية، لم يسبق وان وصل مواطن شيعي إلى مجلس الوزراء، نسبة تمثيل الشيعة في مجلس الوزاري «صفر بالمائة» ومجلس الشورى «أربعة بالمائة» والمجلس الأعلى للقضاء «صفر بالمائة» إلا أن للشيعة محكمتان شرعيتان للأوقاف والمواريث وشئون الزواج ذات صلاحيات محدودة وذلك في كل من القطيف والاحساء فقط.
جميع رؤساء البلديات والمستشفيات وبقية الدوائر الخدمية في المناطق الشيعية ومعظم الوظائف القيادية والإشرافية في دوائر الدولة من الأغلبية السنية، ويستبعد الشيعة من الوصول إلى هذه الوظائف لأسباب طائفية بحثه، كما وتقتصر خدمات العسكريين الشيعة في الجيش السعودي على الخدمات المساندة ويمنعون تماما من الوصول للمراكز القيادية والحساسة في السلك العسكري.
ما يزال المواطنون الشيعة يتعرضون لسوء المعاملة والإقصاء في الدوائر الخدمية كالصحة والتعليم، إذ لا تقارن الخدمات المقدمة في المناطق الشيعية بغيرها نظرا لتكثيف الاهتمام الحكومي بالمناطق السنية، فعلى سبيل المثال تنقل الكفاءات الطبية المتميزة من المناطق الشيعية للعمل في المناطق ذات الأغلبية السنية وتعاني المستشفيات والمراكز المساندة من نقص في الأجهزة والمعدات نتيجة لتفضيلات طائفية ملحوظة،وان كان القطاع الصحي في البلاد عرضة لتهالك مستمر نتيجة للعجز الدائم في الميزانية إلا أن التمييز الطائفي غير مستثنى من قطاع الخدمات بشكل عام وهذا ينطبق على ميزانية بناء المدارس النموذجية إذ تتجه إلى المدن والإحياء السنية وكذلك خدمات الطرق والبلديات ومخصصات المياه والصرف الصحي وغيرها.
ورغم تحقيق النوادي الرياضية في المناطق الشيعية مستوى جيدا إلا أن مخصصاتها ضئيلة وغالبا ما يساهم الأعضاء في نفقاتها العامة، فنادي النور في بلدة سنابس بجزيرة تاروت مثل البلاد في عدة بطولات عربية ودولية وحصل على المراكز الأولى في الدورات الرياضية على مستوى المملكة إلا انه إلى وقت قريب كان مقره الرئيسي في البلدة عبارة عن منزل مستأجر رغم شهرته الواسعة، ولعل قلة المخصصات ليست محصورة بالمحافظات الشيعية حيث تراجع الإنفاق الحكومي المباشر على النشاط الرياضي بشكل عام بسبب الضائقة الاقتصادية التي تمر بها الدولة منذ أكثر من 10 سنوات إلا أن سياسة التمييز التي تتبناها الحكومة لا يمكن أن تستثني قطاعا دون آخر وهذا ما ينطبق تماما على المؤسسات الرياضية التي تسيطر عليها الرئاسة العامة لرعاية الشباب بشكل تام.
ويغلب على الدوائر الحكومية المحسوبية والفساد مما مكن المواطنين من غير الشيعة والذين يرتبطون بشاغلي الوظائف الإشرافية والقيادية بروابط المذهب والقبيلة من انجاز معاملاتهم الحكومية بيسر وسهولة بينما تطبق الأنظمة وبصرامة على الموطنين الشيعة وغيرهم من لا يمتلكون نفوذ في هذه الدوائر.
ورغم تمتع الشيعة بكفاءات علمية جيدة من العنصر النسائي إلا أن وزارة التربية والتعليم السعودية تفرض حضرا مستمرا لأكثر من ثلاثين عاما على المعلمات الشيعة ويقضي الحظر بحرمانهن من تقلد منصبي «الإدارة والوكالة» لأسباب غير معلنة ورغم توجيه العشرات من الرسائل والخطابات وكتابة بعض المقالات في الصحف المحلية والتي تطالب بتفسير واضح لعدم تعيين المعلمات المنتميات لمحافظتي القطيف والاحساء من المناصب العليا في المدارس وعموم وزارة التربية والتعليم إلا أن الوزارة لم توضح موقفها العلني ولم تقم بإجراءات لإنهاء هذا الحظر.
كما ويتعرض الطلبة الشيعة من الجنسين إلى تفضيل مذهبي وقبلي في الجامعات والمعاهد الحكومية، على سبيل المثال لم تستطع العشرات من المواطنات الشيعيات من القطيف والاحساء من الدراسة في المعهد الصحي بالدمام ( 400 شرق العاصمة الرياض) رغم استيفاءهن الشروط المطلوبة بسبب المفاضلة المذهبية وبروز قوى مهيمنة في وزارة الصحة تهدف إلى تهميش وجود المواطنين الشيعة في المعاهد الصحية، كما وقد تم رفض طلبات العشرات من الطلبة الشيعة من الجنسين للالتحاق بكليات الطب رغم حصولهن على معدلات مرتفعة جدا تصل إلى تسعة وتسعين بالمائة من النسبة الكلية مما دفعهم إلى الدراسة خارج المملكة.
علاوة على ذلك ما تزال الأنشطة المناوئة ضد المذهب الشيعي سواء عبر شبكة الانترنت أو من خلال المطبوعات المصرحة من وزارة الإعلام والمواد المسموعة والالكترونية تنال من الموطنين الشيعة عقيدة وفقها وتاريخا دون أن تسعى الأجهزة المختصة إلى حظرها.
في نهاية نوفمبر تناقل المواطنون في محافظة القطيف أنباء تفيد أن أشخاصا مجهولين قاموا بتوزيع مطبوعات تندد بالشيعة في مدينة سيهات، كما كتب بعض الطلبة بتوجيه من معلميهم بحوثا قصيرة تنال من المذهب الشيعي وتصفه بالخروج من دائرة الإسلام وبالمذهب المبتدع، كما ويتعرض الشيعة لاتهامات مماثلة في بعض القنوات الفضائية المرتبطة بالحكومة، ورغم دعوات علماء الشيعة ومفكريها الحكومة السعودية لحظر هذه النشاطات إلا إنها لم تبادر بعد إلى سن القوانين اللازمة لكبح أنشطة الكراهية ضد مواطنيها من الشيعة.
في شهر ديسمبر انعقدت قمة منظمة المؤتمر الإسلامي وانبثق عنها إعلان هام للغاية يقضي بان أتباع المذهب الجعفري إلى جانب الزيدي والمذاهب الأربعة السنية من المسلمين المحقونين الدم والعرض، ويأمل المواطنين الشيعة هنا إضافة أتباع المذهب الاسماعيلي الذي يشكل أغلبية سكان إقليم نجران جنوب المملكة إلى إعلان القمة وان تبادر حكومة الملك عبد الله إلى إصدار الأنظمة اللازمة لتفعيل إعلان مكة وإيقاف كافة الأنشطة التحريضية التي تبث الكراهية والعداء ضد أتباع المذهب الشيعي في المملكة وعموم العالم الإسلامي.
الشيعة والقضاء السعودي:
ظل سلك القضاء في المملكة يمارس اضطهادا وتعديا على الإنسان الشيعي، والمعروف أن قضاء المملكة يستند على المبادئ الفقهية للمذهب الحنبلي، ويتغاضى في قوانينه وأنظمته عن مبادئ وأصول العدالة السائدة في العالم، حيث أن نظام المرافعات القضائية لم يعتمد سوى مؤخرا وتشوبه العديد من الشوائب والإشكالات القانونية، كما أن قضائيا امن الدولة لا تخضع لنظام المرافعات حيث يعتبر أطراف القضايا الأمنية والسياسية خصوما للعائلة المالكة مباشرة، وتعتبر السلطة القضائية جزء من السلطة التنفيذية ولا تتمتع باستقلال حقيقي وكثيرا ما يتدخل أطراف في العائلة المالكة في شئون القضاء، كما تفتقد الإجراءات القانونية السائدة في الدوائر الأمنية والقضائية لقيم العدالة واحترام الإنسان وحقوقه الأساسية، ثمة تحسن في القضايا المدنية والجنائية والمالية ولكنه ضئيل جدا لا يفي بمتطلبات العدالة واحترام حقوق الإنسان، بالنسبة للمواطن الشيعي يتعامل القضاء السعودي معه من منطلقات طائفية بعيدة كل البعد عن روح المساواة، فشهادة المواطن الشيعي غير مقبولة باعتباره منتميا لمذهب مبتدع، ولا يسمح للمواطنين الشيعة بالركون في قضاياهم الجنائية والأمنية والاجتماعية والمالية للفقهاء الشيعة حتى أن محكمة الأوقاف والمواريث الشيعية أحكامها غير مقبولة لدى العديد من القضاة الشرعيين في المحاكم الكبرى.
لا يجوز الفقهاء الوهابيين الزواج من الشيعة إلا إذا غير الطرف الشيعي مذهبه ومن هذه الفتاوى الثابتة في المذهب السلفي تستصدر المحاكم الشرعية السعودية أحكامها ببطلان زواج المواطن السني أو غيره من المواطنين المسلمين والعرب المقيمين في المملكة من معتنقي المذهب الشيعي، كما ويعاني المواطنون الشيعة من عدم الإنصاف والتعدي في حال كانوا خصوما لمواطنين من السنة كما ويقبع في السجون عدد من المدانين بجرائم قتل ضد مواطنين شيعة وهناك شكوكا حول تنفيذ أحكام الإعدام بهم، كما تحتجز سلطات الأمن السعودية أكثر من 15 معتقلا من الشيعة منذ أحداث تفجير أبراج الخبر عام 1996م لم توجه لهم تهم محددة ولم يقدموا للمحاكمة ولم يتهموا بالتفجير رسميا ولم يسمح لهم بتوكيل محامي، ورغم أن الملك عبد الله اصدر امرأ بالإفراج عن عدد من المعتقلين السياسيين ومواطنين ليبيين متهمين بالتدبير لمحاولة اغتياله عام 2005 إلا أن المرسوم الملكي استتثى المواطنين الشيعة، ويرجع بعض المراقبين أن السبب يرجع إلى كون الحكم في المملكة يدار من عدة رؤؤس قوية داخل العائلة السعودية المالكة، وللملك حدودا لا يستطيع تخطيها، وقضية المعتقلين الشيعة بيد وزير الداخلية القوي نايف بن عبد العزيز.
كما وان لإمارات المناطق صلاحيات إصدار أحكام بالسجن دون الرجوع للمحاكم ودون الخضوع لقانون واضح المعالم، وقد استغل العديد من الأمراء هذه الصلاحيات وأصدروا أحكاما بالسجن على المواطنين ومنهم مواطنون من الشيعة، لم ترصد خلال هذا العام في المنطقة الشرقية إصدار أحكام من هذا القبيل على مواطنين شيعة إلا أن أمير المنطقة الشرقية اصدر العديد منها في السنوات الماضية ولأسباب طائفية، فقد حكم بالسجن شهرا على احد التجار من بلدة العوامية لكونه دعم حفلا تأبينا لأحد مراجع الدين الشيعة، واصدر بعد انقضاء مواسم عاشوراء الماضية عشرات الأوامر التي تأمر بسجن مواطنين شيعة لمشاركاتهم في مراسم عاشوراء أو حضورهم في مواكب العزاء التي تقام بهذه المناسبة وغيرها من المناسبات المتعاقبة في شهري محرم وصفر من كل عام هجري.
ما يزال المواطن «محسن التركي» عرضة لتنفيذ عقوبة السجن ثمانية شهور و350 جلدة تنفد في موطنه بجزيرة تاروت بتهمة سب الصحابة، إلا انه وبسبب الثغرات القضائية والفوضى القانونية التي تنخر في دوائر ومؤسسات الدولة ومنها المؤسسة القضائية الهشة استطاع تأخير تنفيذ الحكم، كما وتعرض شاب شيعي لعقوبة الجلد في شهر يونيو الماضي لإدانته بحمل طلاسم، وتعرض أيضا مواطن من بلدة العوامية للطرد من عمله والسجن والجلد لإدانته بالنقد العلني للنظام القضائي والاجتماعي في المملكة، وفي أغسطس الماضي اعتقل مواطن يعمل مدرسا في إحدى المدارس الحكومية بتهم طائفية واتخذت بحقه سلسلة من الإجراءات العقابية منها إيقافه عن التدريس ومنعه من السفر، وما تزال قضيته بانتظار صدور الحكم النهائي، كما وتعرض مواطن من محافظة الاحساء يدعى«أمين حسن الشواف» للاعتقال ومن ثم الإدانة المستعجلة وتنفيذ الحكم الفوري في وسط العاصمة الرياض، كما أدين بائع من الشيعة في احد الأسواق الشعبية بالاحساء بتهمة عدم الإغلاق للصلاة والاستهزاء بعمل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وحكم عليه بالسجن ثلاثة أيام وب30 جلدة، كما ويقضي مواطن شيعي من نجران عقوبة السجن 10 سنوات منذ ما يقارب الأربع سنوات دون بوادر الإفراج عنه بتهمة الاستهزاء بالقران الكريم، كما ويقضي عشرات المواطنين الشيعة من نجران والمدينة المنورة عقوبات مختلفة في قضايا طائفية مختلفة.
الحقوق الاقتصادية والسياسية:
ترتبط الحقوق السياسية للمواطنين الشيعة بحق الشعب السعودي ككل، إذ أن المواطن السعودي محروم تماما من حقوقه السياسية ويخضع لسيطرة نظام ملكي مطلق، يحرم النظام السياسي للحكم الذي صدر في عهد الملك الراحل فهد بن عبد العزيز تكوين التجمعات والأحزاب والجمعيات السياسية، وتقمع التظاهرات بشدة وتعتبر أعمال شغب، وتسيطر العائلة المالكة على كافة أوجه الحياة في البلاد ولا وجود لمؤسسات المجتمع المدني لذلك فان حقوق الشيعة مرتبطة بإصلاح سياسي واجتماعي عميق من خلاله تتاح الفرصة للشعب ومن ضمنه الأقليات الطائفية كالشيعة من تكوين مؤسساته المدنية وأحزابه السياسية والمشاركة في الانتخابات البلدية والتشريعية، إلا أن الشيعة في ظل النظام الملكي المطلق محرومون تماما من أي مشاركة في شئون الدولة إذ لم تعين الحكومة أي شخصية شيعية في منصب رفيع عدا منصب«سفير» الذي منح للدكتور جميل الجشي وهو من أهالي القطيف لمدة 4 سنوات لم تجدد، ويحرم الشيعة أيضا من العمل في السلك الدبلوماسي والوظائف الإدارية في السفارات ويشمل هذا التمييز النساء السعوديات أيضا، كما أن الشيعة في مناطقهم محرومون من تولي مناصب عليا في الدوائر الخدمية كالمستشفيات والبلديات فكيف إذن بمناصب رفيعة في الدولة؟؟!
ويشارك الشيعة مواطنيهم الآخرين في مشكلة «البطالة» إلا أن معاناتهم مضاعفة بسبب سياسة التمييز الطائفي والتي تقضي بتفضيل المواطن السني على المواطن الشيعي في الوظائف العامة.
في عام 1980م قام الشيعة السعوديين بتظاهرات ضد العائلة المالكة عقب سقوط الشاه وقيام الجمهورية الإسلامية في إيران، وكان من ضمن دوافع وأسباب اندلاع المظاهرات التي راح ضحيتها العشرات من الموطنين الشيعة سوء الخدمات في المناطق الشيعية، إلا انه خلال العشر سنوات الماضية رصد تقدم «مقبول» في مستوى الخدمات إلا أنها لا تقارن على نحو الإطلاق بالرياض العاصمة أو المدن المجاورة وبمداخيل النفط الهائلة التي تستخرج من المناطق الشيعية في المقام الأول، فالمدن المجاورة لمحافظتي القطيف والاحساء شيدت مع انبثاق عهد النفط في المملكة وسكانها خليط من مناطق متعددة من البلاد ولم يكن في المنطقة الشرقية قبل عصر النفط سوى الواحتين ومجموعة من الهجر البعيدة عن الساحل.
مخصصات المناطق الشيعية محدودة قياسا بالمناطق الأخرى، فمعظم مدارس المحافظتين مدارس مستأجرة وكذلك دور الرعاية الصحية الأولية، أما الطرق فتحتاج إلى صيانة وإعادة أعمار وتحتاج المناطق الشيعية إلى طرق جديدة، سجل تقدم «جيد» في هذا المضمار حيث بدأت البلديات برصف الشوارع والطرق الداخلية من فائض الميزانية التي أعلن عنها الملك والتي جاءت انعكاسا لزيادة مداخيل النفط.
من ناحية أخرى ما يزال أفراد من العائلة المالكة يستولون على الشواطئ ويوقعون عقودا مع شركات متخصصة لردمها وتحويلها لمخططات سكنية ومن ثم يبيعونها على السكان المحليين بأسعار ضخمة، ورغم صدور قرار ملكي بعدم الردم إلا أن ذلك لا ينطبق سوى على المواطنين العاديين، آخر السواحل المستولى عليها ساحل الرامس المحاذي لمنطقة الرامس الزراعية، وقد استولى عليها ولي العهد الحالي سلطان بن عبد العزيز أيام الملك فهد بحجة كونها منحة ملكية، وباعها على شركة ضخمة حولتها إلى مخطط راقي، عارض أهالي العوامية المشروع إلا إنهم ابرموا اتفاقا يقضي بمنح المتضررين أراضي مجانية ومميزات أخرى ومن غير الواضح ما إذا كانت الشركة المرتبطة بالأمير السعودي ستفي ببنود هذا الاتفاق.
ويقل الاهتمام الحكومي بالزراعة بوجه عام وينطبق ذلك على المناطق الشيعة، فالمناطق الزراعية في واحتي القطيف الاحساء تعاني من إهمال حكومي أدى إلى تراجع الناتج الزراعي واعتماد التجار على الاستيراد من الخارج لتلبية حاجات ألمستهليكن من الفواكه والخضار وغيرها من المواد الغذائية، وتراجعت المساحات الخضراء في القطيف والاحساء حيث لا يتوفر دعم حكومي حقيقي للمزارعين ما نتج عنه عزوفهم عن الزراعة وبيعهم مزارعهم لتتحول إلى مخططات سكنية أو مشروعات صناعية صغيرة.
ولا ينتظر من المجلس البلدي في القطيف والاحساء الكثير فالمواطنون يأملون من المجلس الذي انتخبوه أن يراقب ميزانية البلدية ومنع استنزافها من قبل المتنفذين وتطوير الخدمات وسرعة انجازها ومرونة إجراءات المعاملات الحكومية إلا أن المجلس جزء من وزارة البلديات وليس له سلطات حقيقة إذ انه مجلس استشاري في المقام الأول ويقوم برفع توصياته للوزارة وأمانة المنطقة.
وينتاب المواطنين الشيعة غبن شديد لكون مناطقهم تزخر بالثروة المائية إلا إنها استنزفت في مشاريع ارامكو النفطية، ورغم أن المواطنين في القطيف يحصلون على المياه المحلاة للشرب إلا إنهم من ناحية أخرى يحصلون على مياه مالحة لاستخداماتهم الإنسانية والمنزلية، بينما يقطع الصحراء أنبوب ضخم يمتد من مدينة الجبيل الصناعية إلى الرياض والقصيم لينعم المواطنون هناك بالمياه المحلاة لكافة احتياجاتهم،من ناحية أخرى يعاني أهالي الاحساء من عدم توفر المياه المحلاة ويضطرون لشراء المياه من الشركات الأهلية، وقد جفت عشرات العيون التاريخية في الاحساء نتيجة للإهمال الحكومي وتحويل مسار ينابيعها لأبار البترول المحيطة بالمحافظة.
مستقبل الشيعة في المملكة العربية السعودية:
ناضل الشيعة في الخمسينات والستينات والسبعينات من القرن الماضي عبر انضمامهم لفروع حركات التحرر العالمية، وقدمت الطائفة الشيعية العديد من الشهداء، إلا أن انحسار مد التيارات والتنظيمات العروبية والاشتراكية والشيوعية وإقامة علاقات دبلوماسية بين الأنظمة السياسية التي تدعم حركات المعارضة وبين الأنظمة التي تناضل ضدها تلك التشكيلات ومن ضمنها المعارضة السعودية مهد الطريق لبروز الحركة الإسلامية واستفرادها بالساحة خاصة مع قيام الثورة الإيرانية، إلا انه سرعان ما تخلت إيران عن دعم التنظيمات الإسلامية المعارضة للنظام السعودي وشرعت في إقامة علاقات دبلوماسية مع المملكة مما جعل غالبية رجال الدين والمناضلين الإسلاميين يفضلون إنهاء المعارضة والعودة للوطن، توج هذا التوجه بإعلان الحركة الإصلاحية في الجزيرة وهو المسمى الجديد لمنظمة الثورة الإسلامية في الجزيرة العربية بإنهاء المعارضة والعودة الطوعية للمملكة، بعدها فتحت صفحة جديدة في العلاقة بين القيادات الدينية والشعبية والدولة السعودية، أساسها العمل من الداخل لنيل الحقوق المشروعة للطائفة الشيعة التي تعتبر أقلية مذهبية وسط أغلبية سنية كاسحة.
يتوجه الشيعة ألان عبر قيادتهم الدينية والشعبية إلى الحضور المكثف في دوائر اتخاذ القرار على رأسها الديوان الملكي واثبات أن المواطنين الشيعة ليسوا سوى مجرد مواطنين عاديين وان اختلفوا مع الأغلبية في بعض التفاصيل وان ولائهم هو للوطن ورموزه العليا المتمثلة في الملك والعائلة المالكة، واستغلت القيادات الشيعية أحداث الحادي عشر من سبتمبر وتولي الشيعة الحكم في العراق بعد سقوط نظام صدام حسين والإصلاحات السياسية في البلدان المجاورة وتقدم وسائل الاتصالات من اجل مخاطبة الرأي العام المحلي ومسئولي الحكومة، كما بدا الشيعة في الظهور في وسائل الإعلام المختلفة والمشاركة الفاعل في لقاءات«الحوار الوطني» الذي أمر بإنشائه الملك عبد الله عندما كان ولي للعهد.
لقد تخلى الشيعة عن نظرية المواجهة بشكل عام وبدئوا عهد جديد قاعدته الرئيسية العمل في الإطار الوطني من اجل نيل الحقوق المشروعة، ولا يخفي بعض القادة الدينيين أمنيته بان يرى المملكة وقد تحولت إلى مملكة دستورية يتمتع شعبها بمجلس تشريعي منتخب ذو صلاحيات والفصل بين السلطات وترشيد استهلاك المال العام وهو مصطلح مهذب يطالب في حقيقته بمنع أفراد العائلة المالكة من التصرف بالميزانية العامة ومحاربة الفساد والمحسوبية والرشاوى والعمولات الضخمة على صفقات أسلحة الجيش السعودي، ليس من الواضح ما إذا كان هذا التوجه سيؤدي في النهاية إلى حصول الأقلية الشيعية على حقوقها المسلوبة منذ دخول مناطقها تحت سلطة آل سعود في عام 1913م خاصة وان البلاد ما تزال تحت قبضة نظام ديني واجتماعي وثقافي متشدد لم يسالم المذهب الشيعي منذ نشؤه فقد صدرت من أعلام المذهب السلفي عشرات الفتاوى التي تطالب بقتل المواطنين الشيعة.
وتبقى في نهاية الأمر قضية الأقلية الشيعة مرتبطة ارتباطا مصيريا بمستقبل المملكة السعودية ذاتها، فالبلاد حتى هذا العام لا تحكم من خلال دستور ناجز ينظم مسيرتها الداخلية والخارجية ويحفظ للمواطنين حقوقهم، إنما تدار من خلال أقطاب العائلة المالكة وهذا الأمر يعطل مسيرة المطالبة بالحقوق وحل القضايا العالقة، إن حل مشكلة الشيعة كأقلية دينية والشعب السعودي كشعب يحكم من خلال نظام ملكي شمولي استبدادي يكمن بإقرار دستور شامل يشترك الشعب عبر ممثليه المنتخبين ومن ضمنهم الشيعة بنسبتهم الواقعية في كتابته وحينها فقط تنتهي كافة مظاهر التهميش والتمييز والقمع الديني والسياسي والاجتماعي في المملكة ليبدأ عهد جديد هو عهد الحرية والعدل والمساواة في ظل نظام دستوري يكون مركز اهتمامه ورعايته الإنسان بغض النظر عن انتماءاته القبلية والدينية والطائفية.