أين القصور أبا يزيد ولهوها *** والصافنات وزهوها والسؤددُ
اين الدهاء نحرت عزته على *** أعتاب دنـيا زهوها لا ينفدُ
آثرت فانيها على الـحق الذي *** هو لو علمت على الزمان مخلدُ
تلك البهارج قد مضت لسبيلها *** وبقيت وحـدك عبرة تتجـددُ
هذا ضريحك لو بصرت ببؤسه *** لأسال مدمعك المصير الأسودُ
كتل من الترب المهين بخربـةٍٍ *** سكـر الذباب بها فراح يعربدُ
خفيت معالمها على زوارهــا *** فكأنها في مجهــل لا يقصــدُ
والقبة الشمـاء نكـس طرفه ـا *** فبكـل جزء للـفناء بهــا يدُ
تهمي السـحائب من خلال شقوقها *** والريح فـي جنـباتها تــترددُ
وكذا المصلى مظــلم فكــأنه *** مـذ كان لم يجتز به متعــبدُ
أأبا يزيد وتلك حكـمة خالق *** تـجلى على قلب الحكيم فيرشدُ
أرأيت عاقبة الجـــموح ونزوة *** أودى بـلبك غّـيها الترصــدُ
تعدوا بها ظلما على من حــبه *** ديـن وبغضتــه الشقاء السرمدُ
ورثت شمائـــله بـراءة أحمد *** فـيكاد من بريــده يشرق احمدُ
وغلـوت حتى قد جعلت زمامها *** ارثـا لكـل مــدمم لا يحمدُ
هتك المحــارم واستباح خدورها *** ومضى بـغير هــواه لا يتقيدُ
فأعادها بعد الـــهدى عصـبية *** جـهلاء تـلتهم النفوس وتفسدُ
فكأنما الأسلام سـلعة تاجر *** وكـأن أمـته لآلك أعــبدُ
فاسأل مرابض كربلاء ويثرب *** عن تـلكم الـنار التي لا تخمدُ
أرسلت مارجـها فـماج بحره *** أمــس الجـدود ولن يجّنبها غدُ
والزاكـيات من الدماء يـريقها *** بـاغ على حرم الــنبوة مفسدُ
والطاهرات فديـتهن حوارا *** تـنثال من عـبراتهن الأكـبدُ
والطيـبين من الصغار كـأنهم *** بــيض الزنابق ذيد عنها الموردُ
تشـكو الظــما والظـالمون أصمهم *** حقد أناخ على الجوانح موقدُ
والذائـدين تبعـثرت اشلاؤهم *** بدوا فثمة معصـــــم وهنا يدُ
تطأ السنابـك بالظـغاة أديمها *** مثــــل الكتاب مشى عليه الملحدُ
فعلـى الرمال من الأباة مضرج *** وعلى النـياق من الهداة مصفدُ
وعلى الرماح بقّــية من عابـد *** كالشمس ضاء به الصفا والمسجدُ
ان يجهـش الأثـماء موضع قدره *** فـلقـد دراه الراكـعون السّجدُ
أأبا يزيد وســاء ذلك عـــثرة *** ماذا أقول وباب سمعـك موصدُ
قم وارمق النجف الشريف بنظرة *** يرتد طرفك وهو بــاك أرمدُ
تلك العظــام أعز ربك قــدرها *** فـتكاد لولا خوف ربك تعبدُ
ابدا تباركـها الوفـــود يحثـها *** من كـل حدب شوقها المتوقدُ
نازعـتها الدنـيا فـفزت بوردها *** ثم انقـضى كالحـلم ذاك الموردُ
وسعت الى الأخــرى فخلد ذكرها *** في الخالدين وعطف ربك أخلدُ
أأبا يزيد لتـلك آهــــة موجع *** أفــضى اليك بها فؤاد مُقصدُ
أنا لســت بالقالي ولا أنا شـامت *** قـلب الكريم عن الشماتة أبعدُ
هي مــهجة حرى اذاب شفافها *** حـزن على الاسلام لم يك يهمدُ
ذكرتـها الماضي فهاج دفينها *** شمل لشعب المصــــطفى متبددُ
فبعثته عتـبا وان يـك قاسيا *** هـــو في ضلــوعي زفرة يترددُ
لم اسـتطع صـبرا على غلوائها *** أي الضلـوع على اللضى تتجلدُ