الجيوب الأنفية عبارة عن أجواف هوائية تقع في مقدمة قحف الدماغ، تحيط بالأنف والعينين، ويملك الإنسان أربعة أزواج من الجيوب تتوزع مناصفة على جانبي الرأس، وهذه الأجواف مغطاة في الداخل بغشاء مخاطي رقيق لا تتعدى سماكته ميليميتراً واحداً، وتقوم خلايا هذا الغشاء بإفراز المخاط الذي يصرف عن طريق قنوات تصريف تصل بين الجيوب وفتحة الأنف.
ولسبب ما قد تتعرض الأغشية المخاطية للأنف للالتهاب؛ فتصاب بالتورم، الأمر الذي يؤدي إلى حدوث انسداد في القنوات المصرفة للجيوب، فتبقى مفرزات هذه الأخيرة قابعة فيها، ما يجعلها بيئة مهيأة لنمو الميكروبات وتكاثرها، فتكون النتيجة الإصابة بالتهاب الجيوب. أيضاً يمكن أن تُسدّ قنوات الجيوب ذاتها بالمخاط نفسه الصادر عنها بسبب كثافته، أو لوجود عائق ما يضغط على قناة الجيب؛ فيحول دون تصريف محتوياته.
يخلص لدينا مما سبق أن التهاب الجيوب هو: إنتان يصيب الغشاء المخاطي المبطن لجوف واحد أو أكثر من الجيوب الملحقة بالأنف.
أنواع التهاب الجيوب الأنفية:
1 - التهاب الجيوب الأنفية المزمن: وهو الالتهاب الذي يصيب الغشاء المخاطي للأنف والجيوب الأنفية لفترات طويلة، ويتميز بوجود سائل التهابي صديدي داخل الجيوب الأنفية.
وأما عن الأسباب التي تؤدي إليه؛ فهي: ضعف جهاز المناعة، ولحمية الأنف، واعوجاج الحاجز الأنفي، والتعرض لموجات التهاب حادة متكررة، والمبالغة في استعمال نقط الأنف المضادة للاحتقان، والتدخين، والأمراض المزمنة بالجسم.
ويعتمد علاج هذا النوع من التهاب الجيوب على المضادات الحيوية، ومضادات الالتهاب ومذيبات البلغم، والجراحة هي الحل القوي دائماً.
2 - التهاب الجيوب الأنفية الحاد: وهو عبارة عن احتقان الغشاء المبطن لأي من الجيوب الأنفية، وعادة ما يستمر الالتهاب لعدة أيام، وقد يطول إلى ثلاثة أو أربعة أسابيع في بعض الحالات، ويستجيب عادة بصورة ممتازة وسريعة للعلاج التحفظي، ونادراً ما يحتاج إلى تدخلات جراحية.
وهذا النوع هو محور حديثنا.
أعراض التهاب الجيوب الأنفية الحاد:
لالتهاب الجيوب الحاد أعراض متنوعة؛ أهمها ما يأتي:
1- الصداع الذي يكون على مقربة من الجيب الأنفي المصاب، وهذا الصداع قد يحدث فوق العينين، أو حولهما، أو فوق أسنان الفك العلوي، أو فوق الجبهة.
2- يرافق الصداع إحساس بوجود نوع من الضغط المؤلم في مكان الجيب العليل.
3- سيلان الأنف في حال كانت الإصابة بسبب ميكروب ما، ويكون السيلان هنا أصفر ضارباً إلى الخضرة، سميكاً وكريه الرائحة، وقد يرافقه ارتفاع في الحرارة، وشعور بالتعب والضعف الجسدي.
4- ضعف أو انعدام حاسة الشم.
5- السعال، وغالباً ما يكون أهم الأعراض لدى الأطفال.
العوامل التي تزيد من إمكانية حصول هذا الالتهاب:
1- حساسية الأنف.
2- الالتهابات الفيروسية المتكررة كالأنفلونزا.
3- وجود أجسام غريبة بالأنف أو أنبوب التغذية، أو في بعض حالات إزالة الضروس المتسوسة.
4- قد يحصل الالتهاب بعد الإصابات المباشرة على منطقة الجيوب الأنفية.
وتوجد حالات خاصة معرضة بكثرة لالتهابات الجيوب الأنفية الحادة، وهي أمراض نقص المناعة بالجسم؛ وخاصة الإيدز.
مضاعفات التهاب الجيوب الأنفية الحاد:
إذا عولج التهاب الجيوب الأنفية الحاد في الوقت المناسب؛ فإنه عادة يختفي خلال أسبوع على الأكثر، أما إذا ترك من دون علاج، أو إذا لم يعطِ العلاج فائدة؛ فإن الالتهاب يستمر فترة طويلة، ويتحول إلى التهاب جيوب مزمن، مما قد يؤدي إلى المضاعفات التالية:
1 ـ مضاعفات داخل التجويف العظمي للجيوب الأنفية، وهي الأقل حدوثاً، ومنها الالتهاب الصديدي للعظم المحيط بالجيوب الأنفية، والذي بدوره يؤدي إلى تفتت العظم، ومن ثم انتشار الصديد إلى الخارج؛ مما قد يتسبب في حدوث تشوه في الوجه.
2ـ مضاعفات انتقال الصديد إلى تجويف المخ والأغشية المحيطة به، وهي تأتي في المركز الثاني من حيث نسبة الحدوث، ومنها:
- التهاب السحايا.
- الحمى الشوكية.
- انتقال الصديد داخل أنسجة المخ؛ والتي قد تؤدي إلى الوفاة.
3 ـ مضاعفات انتقال الصديد إلى التجويف العيني، وهي أكثر المضاعفات شيوعاً، ومنها:
- انتشار الصديد على الجفون؛ مما يسبب احمراراً وتورماً بها.
- انتشار الالتهاب إلى أنسجة العين؛ مما يسبب تكوين الصديد داخل العين، والذي بدوره يضغط على العصب البصري؛ مما قد يؤدي إلى العمى لا قدر الله.
وتشبه أعراض الجيوب الأنفية أعراض نزلة البرد إلى حد ما، والفرق بينهما أن أطوار البرد الأولى المميزة له لا توجد في التهاب الجيوب الأنفية، كما أن أعراض التهاب الجيوب الأنفية أشد وطأة منها في نزلة البرد.
علاج التهاب الجيوب الأنفية الحاد:
1- أخذ المضاد الحيوي المناسب حسب استشارة الطبيب، ويشتمل العلاج في المقام الأول على المعالجة الفعالة المضادة للجراثيم، ويعدّ الأموكسيسيلين العلاج المختار الأول، وقد يوصف الأموكسيسيلين مع كلافيولنات البوتاسيوم عن طريق الفم، والبدائل الأخرى لذلك تضم الماكروليدات والسيفالوسبورينات من الجيلين الثاني والثالث.
2- أخذ نقاط الأنف الموسعة لأنسجة الأنف والجيوب الأنفية الملتهبة.
3- وصف أدوية تساعد على تقليل لزوجة الإفراز المسبب لانسداد مخارج الجيوب الأنفية.
4- الإكثار من الغسول الأنفي بالماء والملح.
5- الإكثار من شرب السوائل.
أما في حالة المضاعفات؛ فيختلف الوضع، حيث يتطلب بقاء المريض بالمستشفى، مع إجراء العديد من الفحوص، وقد يحتاج إلى تدخل جراحي عاجل.
علينا ألا نبالغ في الخوف من التهابات الجيوب الأنفية الحادة، كما يجب ألا نهملها، بل علينا الأخذ بالأسباب والعلاج المبكر من أي عارض يطرأ على حياتنا، فصحة الإنسان أمانة لديه يجب الاهتمام بها والمحافظة عليها.
طرق الوقاية:
تشمل طرق الوقاية من التهاب الجيوب الأنفية الحاد الأمور الآتية :
1- عدم تعريض الجسم إلى تغير مفاجئ في درجات الحرارة؛ كالخروج من حمام ساخن إلى تيار هوائي بارد، أو الخروج من جو مكيف إلى هواء ساخن، وعدم السير على سطح بارد حافيا؛ خصوصاً بعد حمام ساخن.
2- عدم التدخين والإقلاع عن عادة استنشاق النشوق (ما يدخل من دقيق التبغ في الأنف).
3- تجنب الاقتراب من مريض بالزكام، واستعمال كمامة الفم.
4- عدم الامتخاط بشدة.
5- عدم الإفراط في استعمال نقط الأنف.
6- عدم القفز في مياه السباحة بالقدمين أولاً، ويستحسن سد مدخل الأنف في هذه الحالة.
7- معالجة الأسنان إن كان بها التهاب.
8- استعمال عسل النحل باستمرار يومياً لرفع كفاءة جهاز المناعة، وأحسن طريقة لاستعماله وضع ملعقتين منه في كوب ماء، وشربه قبل الإفطار بساعة.
9- ضرورة التهوية الكافية، واستعمال الكمامات في المهن التي تتعرض لأدخنة أو غبار يحمل ذرات كيميائية؛ حيث إن هذا من الممكن أن يؤدي إلى حدوث أمراض خبيثة في الأنف والجيوب الأنفية.