الشهيد حسين محمد علي الحسيني

وُلد الشهيد في العام 1958 في أرزون. وبعد أن أنهى دروسه الابتدائيّة التحق بمؤسّسة جبل عامل المهنية منذ افتتاحها وبدء التدريس فيها، وكان من الطلاّب المتميزين بالجدّ والاجتهاد وكان دائماً الأوّل في صفّه والمؤسّسة. ويوم تخرّج من المؤسّسة كان ترتيبه الأوّل في مجموعة الخرّيجين الأولى الّتي تخرّجت في العام 1973. ثمّ تابع دراسته في مدرسة الصنائع والفنون في الدكوانة في اختصاص الإلكترونيك وتقدّم للامتحانات الرسميّة لشهادة البكالوريا الفنيّة قبل استشهاده. وبعد استشهاده صدرت النتائج الرسميّة، وكان من الناجحين من بين الخمسة الأوائل في لبنان.

كان قدوم الشهيد شمران إلى المؤسّسة سبباً لتغيير المسار، فمنذ وصوله بدأ بالإعداد والتهيئة لكوادر المستقبل، وكان الشهيد حسين من المجموعة الأساسيّة الّتي تشكّلت في ذلك الوقت. فكان من مجموعة العمل الأولى الّتي تولّت الإعداد والتهيئة للتدريب، وكان الشهيد شمران يعتمد عليه ككادر أساسي في العمل التنظيمي. جدّيّته وحرصه جعلاه موضع احترام وتقدير الهيئات القياديّة الّتي عمل معها الإمام الصدر، إضافة إلى ثقة الإمام نفسه.

عندما ترك المؤسّسة ليتابع دراسته في بيروت، تابع العمل التحضيري والتنظيمي، وتدرّج في التنظيم حتى كان يوم استشهاده عضواً في المكتب التنظيمي المركزي لحركة المحرومين _ وكان عضواً في قيادة منطقة بيروت العسكريّة الّتي كانت تضمّ مسؤولي القوى العسكريّة الموجودة في بيروت، وكان هو المسؤول العسكري للحركة في المنطقة.

بعد انفجار عين البنيّة كلّفه الإمام الصدر بمتابعة ملف الجرحى في المستشفيات. وكلّ هذه الصفات القياديّة الّتي أتقنها كانت نتيجة لمواكبته للشهيد الدكتور شمران، والتي بدأت في مؤسّسة جبل عامل المهنية وامتدّت إلى المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى وإلى بناء الجسم التنظيمي للحركة. كان الشهيد "حسين" يعرف كلمة السرّ من الشهيد "شمران"، ومن خلال مسؤوليّاته العسكريّة كان يجول على مواقع الحركة المتقدّمة.

كانت علاقته بقيادة المقاومة الفلسطينيّة معمّقة، وكان من خلال اجتماعات قيادة منطقة بيروت العسكريّة على تواصل مع قيادات القوى النظاميّة الموجودة في المنطقة بفصائلها كافّة. إلاّ أنّ علاقاته مع قيادة "حركة فتح" كانت متميّزة بسبب التنسيق والتوجيه ودوره في القيادة المشتركة المكلّف فيها مع "حركة فتح".

وكان الشهيد "مجاهد الضامن" الكادر المكلّف من قيادة "حركة فتح" بالتعاون والتنسيق مع "حركة المحرومين". وقد شمل هذا التعاون إنشاء معسكرات التدريب والإشراف على جبهات القتال والتنسيق المستمرّ. وكان الشهيد "مجاهد الضامن" من العاملين المخلصين لإنجاح العلاقة مع حركة المحرومين، وكان ودوداً وأميناً وصادقاً في تعامله مع الجميع، وهذا ممّا أفسح المجال في نشوء علاقة قويّة بينه وبين الشهيد حسين الحسيني، حيث كانا معاً على الدوام في مختلف المواقع ومراكز التدريب والاجتماعات القياديّة، وشاءت الأقدار أن يستشهدا معاً في زمان ومكان وظروف واحدة، وقد قال الإمام الصدر يوم التشييع إنّهما باستشهادهما معاً جسّدا تلاحم المحرومين في أرضهم مع المحرومين من أرضهم.

علاقته مع الشهيد شمران تميّزت، بالإضافة إلى رابطة العمل الجهادي والثقة الّتي أولاه إياها الإمام الصدر والشهيد شمران، بأنّها نمت وتعاظمت بحيث كان الشهيد شمران يعامله وكأنّه ابنه الكبير، ولعلّ ظروف غربة الشهيد شمران عن عائلته وأولاده ساهمت في تلك العلاقة المميّزة، وجعلت الشهيد الحسيني يزداد تعلّقاً وتقديراً للشهيد شمران. وإلى يوم استشهاده كان الشهيد الحسيني لا يُقدم على أيّ خطوة ولا يقوم بأيّ عمل إلاّ بعد التشاور والاستئذان من الشهيد شمران والذي كان بدوره يقوم بتبليغها للإمام الصدر.

وفي يوم استشهاد حسين الحسيني بلغ التأثّر بالشهيد شمران أنْ مشى وحيداً في بلدة أرزون لمسافات طويلة طالباً الخلوة مع نفسه.. وقد بقي الشهيد حسين حاضراً في مجالس الشهيد شمران يتحدّث عنه دائماً.. وبعد انتصار الثورة الإسلاميّة في إيران، خصّص له جلسة حيث تحدّث في حسينيّة طهران عن مزايا الشهيد حسين، وذكر منها أنّه خلال محاصرة لموقعه في الشيّاح بدا عليه الضعف والوهن، وبعدما راقبه الشهيد شمران، اكتشف أنّه كان يقدّم طعامه إلى عجزة كانوا يعيشون قرب الموقع، ولم يكن لهم من معيل.

استشهد "حسين الحسيني" صبيحة الحادي والثلاثين من كانون الثاني 1976 مع الشهيد "مجاهد الضامن" عند مفرق بلدة الخرايب ( طريق عام صيدا - صور )، حيث اغتالتهما جبهة التّحرير العربية (الموالية للبعث العراقي)